لاشك فيه أن الاستشراق والمستشرقين قد بذلوا جهوداً كبيرة وخطيرة في التعامل مع تراث الأمة، وإذا أردنا أن نتابع مناهج المستشرقين عموماً بجميع مدارسهم الاستشراقية، فسنجدها متفاوتة من حيث العلمية والموضوعية والتحرر، وقد شكَّلت شخصية الرسول وسيرته (ﷺ) أحد أبرز الموضوعات التي تناولها المستشرقون، كونه محور الرسالة الإسلامية ومتلقِّي الوحي، إذ اتخذ التأليف في صورة النبي العربي أشكالاً مختلفة في الخطاب الاستشراقي، سواء أكان ذلك في بدايات الوعي المسيحي الأوربي بالإسلام ومن ثَّمَ محاولات تشويه صورة النبي

more »

... )، والطعن في الوحي والإسلام، أو في مرحلة لاحقة حيث بدأ الاستشراق بالتعرُّف على الإسلام والرسول والقرآن من خلال النصوص الإسلامية، وابتعاد الخطاب الاستشراقي عن الأحكام النمطية. وقد كتب كبار المُفكِّرين والأُدباء من غير المسلمين عن النبي وشخصيته وسيرته، ما يُوازي ما كَتَب عنه المسلمون، ومن بين هؤلاء (كارين أرمسترونج) إذ كتبت كُتباً عدة عن سيرة الرسول وشخصيته القيادية من حيث هو نبي مرسل، وقائد سياسي ورجل دولة، وقد تنبهت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، لخطورة ما يروجه الإعلام الغربي عن الإسلام ونبيه (ﷺ)، مُحاولِة الحد من أسباب هذا التوتر، ومؤكدة أن هذه الاتهامات لم تتحل بالموضوعية ولتأكيد رأيها هذا تستعرض محطات كثيرة من التاريخ تكشف فيها مواقف الساسة الغربيين ورجال الدين والفكر وكيف أن هذه المواقف كانت معادية وظالمة، وبعيدة عن التعقل ويسيطر عليها الحقد والجهل، ولأن الخطأ صفة لازمة للإنسان فإن الكاتبة رغم أنها تُصنف ضمن الكُتاب المستشرقين الذين أنصفوا النبي (ﷺ) إلا أنها جانبت الصواب في عدة مواطن، لذا جاءت هذه الورقة كمحاولة منهجية لما ورد من قضايا موضوعية أو إشكالية في الكتاب.